قال علماء اميركيون انهم عثروا على مؤشرات تفيد بأن نوعا من الاسماك الكهربائية، التي تعيش في مياه دولة الغابون الافريقية، ربما تكون على وشك انتاج سلالتين مختلفتين من ذريتها، رغم ان كل سلالة منهما تحمل نفس التركيب الجيني للسمكة الأم.
ودرس باحثون في علوم بيولوجيا الاعصاب في جامعة كورنيل الاميركية الاسماك الكهربائية في مياه نهر آيفندو الذي تحيط به رمال متحركة، ورصدوا بأجهزة رسم الموجات الكهربائية شكل وانواع الاشارات الكهربائية الصادرة عن كل منها.
وكانت الدراسات السابقة للعلماء قد توصلت الى ان مختلف المجموعات من هذه الاسماك الكهربائية تمتلك جينات تختلف عن بعضها البعض، وان لها شكلا مختلفا من الاتصالات، كما ان افراد كل مجموعة لا تتزاوج مع افراد المجموعة الاخرى. الا انهم اكتشفوا اخيرا حالة سجلت فيها اشارات كهربائية من نوعين مختلفين جاءت من اسماك لها نفس التركيب الجيني.
وقال مات ارنيغارد، البروفسور في بيولوجيا الاعصاب والسلوك في الجامعة، الذي كان يرصد الاشارات الكهربائية لهذه الاسماك في الغابون منذ السبعينات من القرن الماضي: «نعتقد اننا نرى عملية التطور امام اعيننا». وتصف الدراسة التي نشرت في مجلة «اكسبريمنتال بايولوجي» كيف تخرق بعض الاسماك قواعد السلوك المتبعة اثناء التزاوج، وبهذا تتحول الى مثال حي يجسد فعلا انواعا من السمك تتحول الى انواع منفصلة اخرى.
وتولد الاسماك الكهربائية التي تعرف باسم «ماورميردس» mormyrids، وتسمى ايضا اسماك الفيل، مجالا كهربائيا ضعيفا من عضو شبيه بالبطارية يقع في ذيلها، بهدف التحسس بمحيطها والاتصال بالاسماك الاخرى. وترسل كل سمكة نبضة كهربائية منفصلة تقود الى تكوين حلقة من الاشارات تعبر مثلا عن العدوانية ، او الغزل قبل التزاوج، او الخوف. وبينما تفهم كل سمكة اشارات السمكة الاخرى فانها لا تتزاوج إلا مع مثيلاتها اللاتي تمتلك نفس شكل الموجة الكهربائية، كما يقول أرنيغارد.
وقال الباحث في بيان صحافي اصدرته الجامعة إن بعض الاسماك يبدو كانها تتصرف بشكل آخر، اذ اكتشف لدى دراسته لصنفين من الاسماك بأنه لا توجد أية فروق في تركيبهما الجيني. وقال ان «هذه الاسماك تختلف في شكلها كما انها تصدر اشارات مختلفة، ولذلك فقد دهشنا لاننا لم نجد أي فروقات في علاماتها الجينية التي درسناها».
ولأن كل انواع هذه الاسماك الكهربائية التي يزيد عددها عن العشرين، تمتلك اشارات كهربائية متميزة، فان العالم الاميركي يعتقد ان النبضات الكهربائية المختلفة للاسماك المدروسة ربما تمثل اولى خطواتها للتحول نحو انواع حية جديدة.
لندن: «الشرق الأوسط»